الربيع الغربي!

د. علي العسلي
الاربعاء ، ٠١ مايو ٢٠٢٤ الساعة ٠٩:٤٢ مساءً

 

الفرق بين الربيعين "العربي" و "الغربي" في النقطة ابجدياً، فالــ" ع " تحولت إلى "غ " ، وهذا التحوّل هو انتقال الثورات من بلاد العرب، إلى بلدان الغرب!؛ و(العين) اضحت "عار" علينا نحن معشر "العرب"، إذ تركنا قضيتنا وأصبحنا متفرجين لقتل أبناء غزّة ، بل أن بعض عربنا تراهم يتباهون ويتفاخرون من أنهم وسطاء لقضيتهم، لا طرف فيها!،

والربيع الغربي (غ)، يعني ان الــ" غريب" هو الذي ينتصر للعرب (ع) من ظلم الصهاينة، ويعمل على إنهاء "غاراتهم على" "غزة" بسلاح دولهم المصدر للكيان الصهيوني.. وفرحتنا "غامرة" لهذه الهبة الإنسانية أو بــ " ثورات الربيع الغربي" المتضامنة مع غزة، والمؤيدة لقضية فلسطين المستحقة!

وكما يعلم الجميع أن الربيع العربي، هو قيام شباب الأمة ضد بعض الأنظمة الفردية الدكتاتورية القمعية، التي جثمت على الكراسي ردح من الزمن، فكان التجديد حق، والتغيير مستحق، ومطالب تحسين مستويات المعيشة والحياة الحرة الكريمة واجب!

 والحكومات الغربية أظهرت انها داعمة للشعوب في تحريرها، وذلك فقط ضحكاً على ذقون شعوبها لاسترضاءهم؛

 بينما الحقيقة ان تلك الحكومات قد عملت وسعت على تفريغ الثورات من محتواها، وساندت الثورات المضادة مباشرة أو عبر وكلائها بالمنطقة.. فكانت النتيجة فوضى عارمة وحروب داخلية وتدخلات خارجية، فآسفر كل ذلك عن تحويع وافقار وانهيار دول وبروز تشكيلات مسلحة، وقتل الآلآف وتهجير ونزوح... والقائمة تطول!؛

ربنا بلانا بأنظمة غربية تدّعي شيء وتمارس ضده، تدخلهم السافر في ثوراتنا، انتج ما عانته شعوبنا عقب انطلاق ثورات الربيع العربي، وتحملهم للمعاناة حتى يومنا، يوم العيد العالمي للعمال، والذي يأتي وموظفو بلادنا من غير رواتب تدفع لهم منذ عشرة اعوام، بل وصل الإحباط عند البعض والارتداد أن يلعن البعض ذلكم الربيع، الذي خرج الناس فيه للتغيير، فإذا ببعضهم قد هبطت سقوفهم من التغيير للإكتفاء فقط بالمطالبة بدفع الراتب، والحلم باستعادة دولهم المفقودة، وعودة الأمن والاستقرار الذي فقدوه!؛

فلم يروا التغيير المطلوب، بل رأوا اشتداد المعاناة والتشرد والتفقير!؛ وباتوا يخشون تمزيق دولهم وتشظيها!

فثورات الربيع العربي، وطوفان الأقصى وما تبعه، والاحتجاجات الطلابية المستمرة في الجامعات الغربية.. جميعها عرّت وفندّت ادعاءات الحكومات الغربية بأنها ديمقراطية ومع حقوق الإنسان ومع المظلومين في العالم، بل أنها في الحقيقة اصطفت كلياً مع الظلمة المستبدين المعتدين المحتلين!

فعلاً يمكننا أن نسمي ما يجري في الجامعات الغربية بأنه ثورات الربيع الغربي على غرار التسمية لثوراتنا، بثورات الربيع العربي.. فالمقاربة واحدة، من حيث الحراك الطلابي في الجامعات، ومن حيث نصب الخيام والاعتصامات، لكن الاختلاف في انهم يثورون لأجل قضيتنا المركزية القضية الفلسطينية، يثورون من اجل الإنسانية، يثورون ضد حكوماتهم التي تموّل وتسلح الكيان الصهيوني من عائدات الضرائب الذين يدفعونها لحكوماتهم!

لقد ساهمت انظمة الغرب باحتواء ثورات بلداننا العربية فعطلوا مفاعيلها ونصروا ثوراتها المضادة.. عطلوها، لأنه لو كانت قد نجحت، لأنهت تدخلهم في اراداتنا وقراراتنا، ولأنهت تواجد قواعدهم الاستعمارية في أراضينا، ولما تمكّنوا من نهب ثرواتنا!

لقد قمعت انظمتنا المتأصل فيها القمع، المسيرات والاعتصامات واحرقت الخيام وقتلت السلميين، بتغطية وحماية من قبل الأنظمة الغربية، وها هي الأنظمة الغربية تستورد نفس السلوك فتقمع الواقفين الصادقين مع قضية فلسطين والمطالبين بإنهاء العدوان على غزة وتوقيف الإبادة فيها.. فحراكهم اعتقد سيجلب الانتصار لقضيتنا بأفضل منّا.. نحن تركنا قضية قضايانا ولم نعد نخرج كما كنا نفعل في ثورات الربيع العربي!

ثوراتهم عالمية.. تجاوزت الحدود.. وستتسع لو أخطأت السلطات أو البلاطجة فأزهقوا روحاً واحدة فقط.

 ولا شك للحظة أن المشهد من بعد تحركهم سيتغير في فلسطين، ولا شك أن حراكهم سيثمر سقوط أنظمة واحزاب عبر الصندوق أو عبر الضغط للاستقالات أو بالإقالات!

ثوراتهم كشفت زيف ادعاء أنظمتهم بأنها ديمقراطية.. ثوراتهم عظيمة ولها تقدير كبير بين أوساطنا، كونها من أجل فلسطين قلب العروبة النابض.. شكراً لهم على مواقفهم وعلى تضحياتهم..

القمع بدا واحداً عند انظمتهم وعند انظمتنا.. لقد مارسوا ما مارسوه أصحابنا بالتخوين والاتهامات واستقدام بلاطجة وفض الاعتصامات، وزادوا على أصحابنا باتهام المدافعين عن فلسطين بأنهم معادين للسامية!؛

فمارسة القمع ليس بمستغرب عندنا، لكن الاندهاش من ممارسته في الغرب، على اعتبار أن كثيرين من شعوبنا كانوا معتقدين مخدوعين انهم ديمقراطيين، رعاة للحرية في العالم ويدافعون عن حقوق الإنسان!؛

 فأين تبخرت كل هذه الإدعاءات؟!؛ .. أكيد..في غزة وفي دعم الأنظمة الدكتاتورية في بلداننا وفي قمعهم للحراك الطلابي السلمي في جامعاتهم!!

بعد الذي سوه وسمع .. قد يقول قائل: سلام الله على حكامنا.. كانوا أكثر تحملاً من حكامهم، وقد تكون انظمتهم أشد قمعا وعدوانية على شعوبهم من انظمتنا؟!

اثق بأن تحركات طلاب الجامعات الغربية، ستؤتي ثمارها أكثر من اجتماعات عصبة الأمم المتحدة ومجلس الأمن والسداسية العربية وغيرها.. فهم سيتم الاستجابة اليهم لا محالة، بل لقد بدأ وزير الخارجية الأمريكي من صداها يجوب المنطقة ليس للقضاء على حماس كما كانوا يخططون ويعملون، وإنما للضغط على حماس ان يقبلوا بإنهاء الحرب وعقد صفقة ترضيها!؛

ولولا طلبة الجامعات الامريكية، لاستمرت الادارات الغربية في التغطية لجرائم الكيان الصهيوني، دون اكتراث بكل مواقف العالم منه.

التحية كل التحية لطلبة الجامعات الامريكية والغربية الأخرى على مواقفهم.. وعار على شبابنا وشعوبنا المتفرجة، والذين كانوا قد صحوا وخرجوا؛ ثم عادوا الي أدراجهم ولم تحركهم غزة للخروج مرة أخرى!

والتحية موصولة للطلبة والعمال والجنود والفلاحين ولكل الفئات في عيد العمال العالمي، في الواحد من مايو المجيد!

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الحجر الصحفي في زمن الحوثي